إن خروج المرأة متبرجة سافرة لا حياء يمنعها ولا رادع يردعها ، تختلط بالرجال في كل مكان أثناء الدراسة وفي الشارع والمواصلات ومكاتب العمل والمنتزهات وشواطئ البحار ، كل هذا قد أرخص أنوثتها وأضاع حياءها فطمع بها الرجل ، وسهل عليه ما أراد من متعة وإشباع نزوة وقضاء وطر ، وساعدته هي في ذلك. حيث نتج عن سهولة الحصول على اللذة العاجلة .. والإبتعاد عن التكاليف والمشاق التي وضعها الآباء في طريق الزواج المشروع وفي ذلك يقرر الأستاذ أبو الأعلى المودودي فيقول:
" السبب الخطير الذي عمت لأجله الفوضى الجنسية في المجتمع: أن النساء لا يزلن يتهافتن على الأشغال التجارية ووظائف المكاتب والحرف المختلفة حيث تسنح لهن الفرص الإختلاط بالرجال صبا مساء، وقد حط ذلك من المستوى الخلقي في الرجال والنساء وقلل جداً من قوة المدافعة في النساء لاعتداءات الرجال على عفتهن، ثم أطلق العلاقة الشهوانية بين الجنسين من كل القيود الخلقية فالآن أصبحت الفتيات لا يخطر ببالهن الزواج أو الحياة العفيفة الكريمة " .
إن الحضارة الحديثة تشجع على التبرج ، وتدفع الى الإغراء بكل أنواعه ووسائله، وكما قدمت سابقاً كيف أن الأعداء اتخذوا من فتنة المرأة وجاذبيتها أمضى سلاح لتحقيق مآربهم، فاشتد السعار الجنسي وزاد الطلب عليه، حتى فقد الاتصال المحرم في تصور الناس شناعته وحرمته وأمسى كأنه حاجة تلبي دون حرج أو حياء وأصبحت بعض النساء تحشر نفسها أو تُحشر في الأعمال التي لا تليق بعا باعتبارها أنثى رقيقة وجوهرة مصونة، فعملت سكرتيرة في المكاتب، ومضيفة جوية وبحرية بل واستخدمت حتى في الإعلانات والدعايات والمنشورات والصحف والمجلات، واستغلت أنوثتها أسوأ استغلال ، فوجد الرجل فيها متعته ولذته لشعوره بقربه منها في جميع الأوقات، مما جعل تفكيره بنصرف عن الزواج واللقاء المشروع بل لقد أصبح ارتكاب الفواحش أمراً طبيعياً تسمح به بعض الدول المنسوبة إلى الإسلام تتهاون في إقامة حدود الله على مرتكب الفاحشة، الأمر الذي أدى إلى كثرة انتشار الفواحش في المجتمع، وازدياد الفساد والإنحلال الخلقي والإستهتار بالدين.
وفي الوقت الذي يخطط فيه أعداؤنا للإيقاع بشباب الأمة الإسلامية، نجدهم يسهلون بل ويشجعون عليه.
رابعاً : ظاهرة الزواج من الأوربيات والأجنبيات:
تصدر بعض الصحف والمجلات بعناوين بارزة تعلن فيها عن ركن للتعارف بين الجنسين بالصور والعناوين وتحديد السن والمهنة والهواية!!
هذا بالإضافة إلى النشرات والوكالات المقامة لهذا الغرض الخبيث.
وعلى سبيل المثال أذكر ما بعثت به إحدى الوكالات الأوروبية إلى شبابنا في دول الخليج بل إلى شباب الأمة الإسلامية، ونشرت ( جريدة المدينة المنورة لتحذر من الوقوع في شباك مثل هؤلاء الأعداء).
وهو منشور يدعو إلى الزواج من أوروبيات " من الجنس الأبيض " وتسهل فيه أمر اللقاء بصورة تغري شباب الإسلام وتوقعهم في شباك المرأة الغادرة الكافرة، فينزلق بعض الشباب لا سيما ذوو الثراء منهم، في مثل هذه التيارات الوافدة، فيتزوجون غريبات عن الوطن الإسلامي، بحجة أن الدين أباح الزواج من الكتابيات، دون النظر في عواقب الأمور والشروط التي قيد بها الشرع هذا الأمر.
ومن البداهة بمكان أن العامل الأول في ذلك هو :
1- صعوبة الإقتران بزوجة مسلمة نتيجة تعنت الولي وتعصبه واشتراطه مبالغ طائلة.
2- سبب آخر هو رفض الفتاة المسلمة الزواج بحجة إكمال الدراسة أو تحديدها لمواصفات تحلم بها في الزوج المنتظر، سواء في المنظر والمظهر أو التحصيل العلمي أو المهنة أو الجاه والثراء.
وهذه أمنيات قد لا تتحقق كلها مرة واحدة، فتظل الفتاة وحيدة عانسة إلى أن يفوتها قطار الزواج، فتندم على ذلك أشد الندم.
في الوقت الذي يجد فيه الشاب فرصاً عديدة ومتنوعة للإقتران بأجنبية دون وجود عقبات أو تكاليف باهضة، بالإضافة إلى ما تمتاز به المرأة الغربية في الغالب من جمال وجاذبية وإغراء نتيجة تبرجها وسفورها ومهارتها في صيد الرجال من أجل المصلحة المادية التي تشبع مطالبها التي لا تنتهي.
والإعتقاد السائد في عقول الشباب شبابنا نتيجة الغزو الفكري والتقليد والإحساس بالنقص.
بأن المرأة الغربية أدرى بالواجبات، وأقدر على إدارة البيت ورعاية الأولاد من المرأة الشرقية المسلمة، وهذا وهم لا يمكن تصديقه.
لأن الفتاه التي تحللت من كل القيود يصعب عليها أن تلتزم برعاية أي تقليد.
فلهذه الأسباب وغيرها من العراقيل والصعوبات التي تعترض طريق الشباب في الزواج بالمرأة المسلمة نجد الشباب يسقطون صرعى أمام إغراء المرأة الأجنبية ويقترنون بها دون تفكير بالنتائج والعواقب والآثار التي تترتب على تلك النزوة التي تجعلهم يندمون عليها أشد الندم فيما بعد، ولات مندم ونحن نعلم أن العلة الشرعية في تحريم الزواج بالمشركات هي عدم الإيمان مطلقاً.
قال تعالى :" ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"
فانطلاق الشباب في التزوج بالأجنبيات يفتح عليهم أبواباً كثيرة من البلايا والعواقب التي لا تحمد عقباها إلى جانب الأخطار والأضرار السيئة التي تلحق المجتمع الإسلامي بأسره.
1- فبالنسبة للفتيات المسلمات في الديار الإسلامية تزداد حدة الكساد والعنوة المزمنة لانصراف الشباب عنهن، ووجود البديل لهن، وهكذا ينشأ الفساد ويستشري الخطر بانتشار الفواحش والشذوذ وتنحل روابط الأخلاق والدين.
2- أما بالنسبة للزوج المسلم فإن هناك جملة نتائج وأخطار تترتب على ذلك فمنها:
أ- فقدان المودة والرحمة والسكون بين الزوج وزوجته الأجنبية وإن كان موجوداً فوجوده مؤقت يزول فورة الرغبة وانطفاء الشهوة، لأن أصل العلاقة لم تبنى على الإستقرار والإستمرار وإنما لفورة عاطفية أو مصلحة مادية!!
يقول تعالى :" لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" الآية.
ومعلوم أن زواجاً كهذا يفتقر إلى عنصري الزواج الأساسين: المودة والرحمة.
ب- في أغلب الأحيان نجد أن الزواج بالأجنبية ( الغربية ) عن قوم الزوج وبيئته ينتج عنه دائماً مشاكل اجتماعية ونفسية، فوجود إمرأة من بيئة قوية في بيت من بيئة ضعيفة يجعل لتلك المرأة سيطرة على هذا البيت برأيها وعقيدتها المخالفة. لعقيدة الزوج وأهله، وهذا هو الحاصل الآن بعد أن كانت الغلبة والسيادة للمسلمين إذ أصبحت القوة والسيادة للغربيين الماديين نتيجة للقاعدة المعروفة وهي تأثر المغلوب بالغالب، واحساسه بالنقص أمامه، ويتمثل ذلك في انبهاره العميق بأعلامها ومعالمها، لذلك نجده مغلوباً على أمره في وزاجه بإمرأة أجنبية تتفوق بيئتها على بيئةته مادياً وعلمياً فتذوب شخصيته في شخصيتها وقد ينسلخ عن ربقة الدين فيتبع دينها وعقيدتها وإن لم يستشر فيه الفساد إلى هذا الحد، فلا أقل من أن يتأثر بها حتى يفقد إحساسه وشعوره الديني، فيتهاون في أداء الفرائض الإسلامية ويترك حضور الجمع والجماعات حتى يؤول الأمر إلى أن يصبح تابعاً ومشاركاً لزوجته في أعيادها وحفلاتها والذهاب معها إلى الكنائس والسفر بها إلى بلادها، مما يضعف في نفسه شعور الإنتماء للوطن الإسلامي والإهتمام بقضايا الأمة المصيرية.
ج_ التردد والحيرة التي يعيش الزوج المسلم بعد قضاء الوطر وبرود العاطفة مع زوجته الغربية المتشبعة بمعاني التطور والحرية والمساواه، وفيها ما يتنافى مع تعاليم الإسلام، فقد تأتي بسلوك تراه صحيحاً في نظرها على حين هو يخالف روح الدين الإسلامي فتنشأ في نفس الرجل المسلم ( معركة داخلية ) هذا إن بقيت له بعض الغيرة الدينية والخلقية، بين الإبقاء عليها على ماهي عليه من سلوك وتصرف لا يرضيه، أو الطلاق وهو محتاج إليها وغالباً ما نراها تتمرد على الزوج وتطالبه بالرجوع إلى قومها.
د_ هذا بالإضافة إلى الأخطار الشخصية والسياسية على مستوى الفرد والدولة المسلمة فمنهن من تحصل على أسرار الزوج وعائلته بحكم عشرتها معه، فتتخذ من هذه الأسرار وسيلة للابتزاز المادي إن خالف الزوج أوامرها وتكتمل الكارثة عندما تكون الزوجة جاسوسة لقومها، تحيك الدسائس والمؤامرات وتأخذ الأسرار الخاصة بالعمل أو الدولة الإسلامية وتبلغ قومها وتجعل من زوجها أداة مطيعة لتحقيق أغراضها وأغراض قومها أعداء الإسلام والمسلمين.
3_ أما تأثير ذلك على الأطفال فهو جانب عظيم وخطر جسيم:
أ_ فنحن نعلم أن الأم هي المحضن الطبيعي الأول للطفل بعد ولادته وسنين نشأته الأولى التي تتكون فيها شخصيته وعاداته وعقيدته وسلوكه وأخلاقه كما بينت سابقاً فحينما تكون الأم على عقيدة تخالف الإسلام فإنها ولا شك ستترك أثراً كبيراً في عقيدة ابنها الذي يتربى في حجرها ويقلدها، وهي بطبيعتها ستزرع في ذهنه عقيدتها وتحببه إلى عاداتها وتقاليدها فينشأ الطفل تابعاً لأمه عقيدةً وسلوكاً وعملاً وفي ذلك يقول سيد قطب رحمه الله: "وها نحن أولاء نرى اليوم أن هذه الزيجات شر على البيت المسلم فالذي لا يمكن إنكاره واقعياً أن الزوجة اليهودية أو المسيحية أو اللادينية تصبغ بيتها وأطفالها بصبغتها وتخرج جيلاً أبعد ما يكون عن الإسلام، وبخاصة في المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه، والذي لا يطلق عليه الإسلام إلا تجوزاً في حقيقة الأمر، الذي لا يمسك من الإسلام إلا بخيوط واهية شكلية تقضي عليها القضاء الأخير زوجة تجيء من هناك".
ب_ من جملة تأثير المرأة الأجنبية على أطفالها من رجل مسلم مزاحمة لغتها باللغة العربية وضعف اللغة له تأثير في تلقي العلوم والمعارف.
فينشأ الطفل وهو متقن لغة الأم مما يضعف انتماؤه إلى لغته وتراثه وثقافته وحضارته الإسلامية.
ج_ عدم التوازن الذي ينشأ عليه الطفل بين ما يتلقاه في البيت من تعليمات الأم وتربيتها وسلوكها وما يشاهده ويلمسه خارج البيت من عادات وتقاليد وسلوكيات اجتماعية مناقضة لما اكتسبه من أمه، فيرى نفسه غريباً وحيداً غير مستقر في مدرسته ومحيطه ومجتمعه.
د_ ينشأ الطفل على كراهية المجتمع والبيئة المسلمة والشعور بالدونية أمام مجتمع الأم ووطنها الذي أصبح في الوقت الحاضر مثلاً أعلى في التقدم والحضارة المادية، فينسلخ الطفل ويفضل العيش في مجتمع الأم، وربما يستقر هناك بعد أن يكبر وهذا الأمر جد خطير، لأننا بذلك نفقد شباباً وشابات وإن ظلوا معنا نراهم متنكرين لدينهم ومجتمعهم ووطنهم وهذه من جملة الأسباب والنتائج التي نواجه بها من جراء التساهل في الزواج بالأجنبية، فلا بد من النظر في هذه الأمور، وتسهيل الزواج بالنساء بالنساء المسلمات في البلد الإسلامي، حتى نسلم من الشرور والمفاسد التي وقع فيها الغرب نتيجة تساهله في أمر الزواج وإقامة الأسر السليمة، فالأسرة شبه معدومة في الدول الغربية والنساء في شقاء عظيم والمجتمع فاسد منحل والإنسانية تتجه الى الدمار والهلاك، يقول الله تعالى واصفاً المجتمع وقادته المنحرفين الفاسدين :" وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" الآية.
ويقول الله تعالى :" فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" ..